________________________________________
مسرحية سفينة العطشى ( الجزء الثاني )
المشهد الثالث
( أيام مرتْ ، يجلس بعض البحارة يتحاورون ، بينما يقف البعض الآخر )
سالم : اليوم يجب أن نحتفل ..
منصور : بموتنا .. ، ستشاهد موتي يا سالم .
عثمان : ماذا تقولان ؟ موتنا !
منصور : هل هناك كلمة أخرى غيرها ؟
عثمان : نعم .. لو متنا سنكون شهداء .
منصور : لن تفرق كثيرًا .. إن أنفاسنا ستزهق في النهاية .
عثمان : علينا أن نفهم أن حياتنا أوموتنا ليسا هباءً ، بل شهادة في سبيل الله . نحن مسلمون ، استشهدنا أثناء عملنا و سعينا على أولادنا .
منصور ( يردد الشهادة ) : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا …
( يفيق النوخذة صالح ، ويرفع رأسه )
صالح ( ضاحكًا ) : تتكلمون عن ماذا أيها الشباب ؟ بل أيها الشهداء ؟
منصور : أنت قلتها .. نحن شهداء .
صالح : تكلّم عن نفسك ، أنت ومن معك ، أما أنا فلا يزال عقلي يعمل ويفكّر .
سالم : لقد نفذنا خطتك ، وامتدت أعمارنا أيامًا أخرى ، وبدلاً من عشرة أيام ، صارت خمسة عشر يومًا ، وصارت قطرات الماء تنزل بحساب على ألسنتنا .
عثمان : صار لنا في هذا الموقف ، والرياح متوقفة ، مدة شهر تقريبًا .
صالح : ولكن لا يزال أمامنا الكثير والكثير ، قبل هذا اليأس .
منصور ( بابتسامة ساخرة ) : الماء نفد .. الماء نفد ..
صالح : والعقل لم ينفد ..
سالم : هل تقترح أن نشرب من ماء البحر ؟
صالح : لم يحنْ الأوان بعد . ولكنني أقترح أن ………………. ( سكت )
الجميع ( في صوت واحد ) : أن ماذا ؟
صالح : أنتم تتجهزون للشهادة .. ألم تقولوا هذا الآن ؟
الجميع : تقترح ماذا يا عم صالح ، قل يا أبا عبد الله ، الله يجزيك الخير كله ..
صالح : هل فتشتم في السفينة عن شيء يعوّضنا عن الماء .
( ينظرون لبعضهم البعض )
عثمان : لا يوجد في المخزن سوى البضائع التي أحضرناها معنا .. ولا شيء .. على ما أذكر يصلح للشرب .
صالح : بينما أنتم تنامون وتتكاسلون في الليل والنهار ، كنتُ أنقّب عن حل للمشكلة ..
( يصمت ، ثم يكمل )
- تخيلوا .. يوجد حوالي ثلاثة آلاف ثمرة جوز هند في المخزن ، مربوطة في أجولة كبيرة .
منصور : نعم … نعم … ولكنها ملك لأحد التجار في بلدنا .
صالح : هو صديقي ، وهو لم يدفع ثمنها بعد ، ولو علم ظروفنا الصعبة الآن فيسامحنا بلا شك .. وقت الضرورة يباح المحظور .
( يقف الجميع فرحين .. ويقولون :
- إن عقلك يعمل دائمًا يا عم صالح ، هيا .. هيا .. لقد نسينا هذه الثمار .
( ينزل البعض إلى قاع السفينة ، ويتبقى البعض )
سالم : ولكن هل ستكفينا هذه الثمار .. إنها صغيرة الحجم ، والرجل سيلتهِمُ الكثير منها بسرعة .
صالح : لا سنضع قانونًا .. ، كل واحد منا له ثمرتان في اليوم فقط ، يمتصّهما .
منصور : إنني آكل خمسًا منها في المرة الواحدة .
صالح : هذا في أيام الرخاء .
( يظهر اثنان من البحارة من قاع السفينة ، حاملين جوالاً منتفخًا ، يضعونه أمام النوخذة صالح ، الذي يفك رباطه ، ويوزّع عليهم ، كل واحد ثمرتان ، ويكون هو الآخذ الأخير فيهم . يبدأ كل منهم في المصّ من الحبة .. )
سالم : لقد أخذت منها رشفتين فقط .. وسأبقي الباقي .
منصور : أمّا أنا .. فقد أنهيت الأولى ، وها أنا سأبدأ في الثانية ..
عثمان : لن تأخذ أخرى غيرهما ؛ فاقتصدْ .
( منصور ، ينظر بأسف لهما ، ويلقي بالثمرة الفارغة في البحر بغيظ )
صالح ( ينظر له ) : ما هذا يا منصور ؟ لماذا أنتَ غاضب ..؟ اهدأ ، نحن إخوان ..
المهم ، لا يرمِ أحدكم بقايا ثمرته في البحر ، بل يضعها في هذا الركن .
( يشير بيده نحو أحد أركان السفينة )
سالم : لماذا ؟ يا أبا عبد الله .
صالح ( بغموض ) : لعلها تنفعنا ..
منصور ( صائحًا ) : في ماذا ؟
صالح : أذكركم أن الطاعة أساس العمل الجماعي على ظهر السفينة ، وفي حياة البحر .
( يتحرّك البعض الذين فرغوا من امتصاص الثمرة الأولى ، ويضعون الثمار الفارغة في الركن الذي حدده صالح )
( الآذان .. يرتفع .. ، يرددون وراء المؤذن بهمس ، مع ارتياح أكثر ، بعدما ترطبتْ حلوقهم ، ويهرعون للوضوء )
صالح : أيها الإخوة .. الدعاء .. الدعاء .. ، إنه مفتاح الحل لمحنتنا .
مسرحية سفينة العطشى ( الجزء الثاني )
المشهد الثالث
( أيام مرتْ ، يجلس بعض البحارة يتحاورون ، بينما يقف البعض الآخر )
سالم : اليوم يجب أن نحتفل ..
منصور : بموتنا .. ، ستشاهد موتي يا سالم .
عثمان : ماذا تقولان ؟ موتنا !
منصور : هل هناك كلمة أخرى غيرها ؟
عثمان : نعم .. لو متنا سنكون شهداء .
منصور : لن تفرق كثيرًا .. إن أنفاسنا ستزهق في النهاية .
عثمان : علينا أن نفهم أن حياتنا أوموتنا ليسا هباءً ، بل شهادة في سبيل الله . نحن مسلمون ، استشهدنا أثناء عملنا و سعينا على أولادنا .
منصور ( يردد الشهادة ) : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا …
( يفيق النوخذة صالح ، ويرفع رأسه )
صالح ( ضاحكًا ) : تتكلمون عن ماذا أيها الشباب ؟ بل أيها الشهداء ؟
منصور : أنت قلتها .. نحن شهداء .
صالح : تكلّم عن نفسك ، أنت ومن معك ، أما أنا فلا يزال عقلي يعمل ويفكّر .
سالم : لقد نفذنا خطتك ، وامتدت أعمارنا أيامًا أخرى ، وبدلاً من عشرة أيام ، صارت خمسة عشر يومًا ، وصارت قطرات الماء تنزل بحساب على ألسنتنا .
عثمان : صار لنا في هذا الموقف ، والرياح متوقفة ، مدة شهر تقريبًا .
صالح : ولكن لا يزال أمامنا الكثير والكثير ، قبل هذا اليأس .
منصور ( بابتسامة ساخرة ) : الماء نفد .. الماء نفد ..
صالح : والعقل لم ينفد ..
سالم : هل تقترح أن نشرب من ماء البحر ؟
صالح : لم يحنْ الأوان بعد . ولكنني أقترح أن ………………. ( سكت )
الجميع ( في صوت واحد ) : أن ماذا ؟
صالح : أنتم تتجهزون للشهادة .. ألم تقولوا هذا الآن ؟
الجميع : تقترح ماذا يا عم صالح ، قل يا أبا عبد الله ، الله يجزيك الخير كله ..
صالح : هل فتشتم في السفينة عن شيء يعوّضنا عن الماء .
( ينظرون لبعضهم البعض )
عثمان : لا يوجد في المخزن سوى البضائع التي أحضرناها معنا .. ولا شيء .. على ما أذكر يصلح للشرب .
صالح : بينما أنتم تنامون وتتكاسلون في الليل والنهار ، كنتُ أنقّب عن حل للمشكلة ..
( يصمت ، ثم يكمل )
- تخيلوا .. يوجد حوالي ثلاثة آلاف ثمرة جوز هند في المخزن ، مربوطة في أجولة كبيرة .
منصور : نعم … نعم … ولكنها ملك لأحد التجار في بلدنا .
صالح : هو صديقي ، وهو لم يدفع ثمنها بعد ، ولو علم ظروفنا الصعبة الآن فيسامحنا بلا شك .. وقت الضرورة يباح المحظور .
( يقف الجميع فرحين .. ويقولون :
- إن عقلك يعمل دائمًا يا عم صالح ، هيا .. هيا .. لقد نسينا هذه الثمار .
( ينزل البعض إلى قاع السفينة ، ويتبقى البعض )
سالم : ولكن هل ستكفينا هذه الثمار .. إنها صغيرة الحجم ، والرجل سيلتهِمُ الكثير منها بسرعة .
صالح : لا سنضع قانونًا .. ، كل واحد منا له ثمرتان في اليوم فقط ، يمتصّهما .
منصور : إنني آكل خمسًا منها في المرة الواحدة .
صالح : هذا في أيام الرخاء .
( يظهر اثنان من البحارة من قاع السفينة ، حاملين جوالاً منتفخًا ، يضعونه أمام النوخذة صالح ، الذي يفك رباطه ، ويوزّع عليهم ، كل واحد ثمرتان ، ويكون هو الآخذ الأخير فيهم . يبدأ كل منهم في المصّ من الحبة .. )
سالم : لقد أخذت منها رشفتين فقط .. وسأبقي الباقي .
منصور : أمّا أنا .. فقد أنهيت الأولى ، وها أنا سأبدأ في الثانية ..
عثمان : لن تأخذ أخرى غيرهما ؛ فاقتصدْ .
( منصور ، ينظر بأسف لهما ، ويلقي بالثمرة الفارغة في البحر بغيظ )
صالح ( ينظر له ) : ما هذا يا منصور ؟ لماذا أنتَ غاضب ..؟ اهدأ ، نحن إخوان ..
المهم ، لا يرمِ أحدكم بقايا ثمرته في البحر ، بل يضعها في هذا الركن .
( يشير بيده نحو أحد أركان السفينة )
سالم : لماذا ؟ يا أبا عبد الله .
صالح ( بغموض ) : لعلها تنفعنا ..
منصور ( صائحًا ) : في ماذا ؟
صالح : أذكركم أن الطاعة أساس العمل الجماعي على ظهر السفينة ، وفي حياة البحر .
( يتحرّك البعض الذين فرغوا من امتصاص الثمرة الأولى ، ويضعون الثمار الفارغة في الركن الذي حدده صالح )
( الآذان .. يرتفع .. ، يرددون وراء المؤذن بهمس ، مع ارتياح أكثر ، بعدما ترطبتْ حلوقهم ، ويهرعون للوضوء )
صالح : أيها الإخوة .. الدعاء .. الدعاء .. ، إنه مفتاح الحل لمحنتنا .